الربيع العربي: ان كانت ثورة هل استلم الثوار الحكم ام استلم الحكم الثورة؟ / د.مصطفى سالم


سبق ان اعددنا دراسة عن ظاهرة الاحتجاجات التي اطلق عليها "الربيع العربي".  وانطلقنا من سؤالين مهمين، هل كانت ثورة في تونس ومصر واليمن أم مجرد احتجاجات احدثت التغيير ولم تصنع الثورة؟ 


ان كانت ثورة هل استلم الثوار الحكم ام استلم الحكم الثورة؟ 


عندما تتأمل جيدا في هذه الاسئلة ستعرف أنها ليست ثورة. نعم كان الشعب في الشوارع لكن كان هناك من يستفيد من هذا الحراك وليس له علاقة بالثورة.

أزمة اليسار الذي كان يفترض أن يكون في طليعة الثورة في جوهرها لا تتعلق بانهيار الاتحاد السوفيتي، بل بعدم القدرة على انتاج مشروع وخطاب ينسجم مع وقائع الحياة في البلاد ومع بنية المجتمع وثقافته. تصرف اليسار كأفراد بعد الانهيار ولم يتصرف كتيار له تاريخ من النضال.
وبالمقابل أستطاعت القوى الإسلامية الأكثر اندماجا - ليست الاكثر ثورية- مع المجتمع والأقرب لثقافته أن تنهض في لحظة سبقت بها الجماهير كل التيارات. لم يكن التيار الإسلامي من اطلق شرارة الاحتجاجات في مصر وتونس بالأخص، لكنهم تصرفوا كأنهم من ابطال ما يسمى الثورة. وتاريخهم في النضال ضد القمع طويل، لكن ما الذي حدث لتنتكس احتجاجات مصر، ويخمد تألق نتائج احتجاجات تونس لتصل درجة إن يرفض حزب النهضة التونسي (الأخوان) من تجريم التطبيع مع اسرائيل في برلمان إفساد نتائج التغيير.

مشكلة اليسار والقوى السياسية الوطنية تتعلق بالتجمد الذي اصاب قدراتهم الابداعية، لم يعد العقل منتجا، واصيب بنكوص اعاده للطفولة، وفي نفس الوقت تبدو الجماهير التي خرجت تحتج لاسقاط أنظمة فاسدة في تونس ومصر واليمن أكثر طفولية حين سلمت النتائج الأولية والشجاعة للاحتجاجات ( أو ماتسمى خطأ بالثورة ) للعسكر أو لجزء من مؤسسة الفساد.
محنتنا تتعلق باستعادة طفولتنا في الاوقات غير المناسبة. 

ولكن إن لم تكن الجماهير بهذه الطفولية ولم تتخلى عن الميادين والشوارع لحدثت حرب حقيقية واهلية كما في  سوريا وليبيا. وقد تبدو المخاوف مشروعة. لكن دعنا ننظر ما يحدث في اليمن الآن. وما يفعل السيسي في مصر. مع التأكيد إن تونس ومصر لم تكن مهددة بحرب أهلية إذ إن الجماهير لم تكن تعادي مؤسسة الجيش والعسكر ولم تكن على خلاف معها. واستطاعت مؤسسة العسكر في تونس ومصر النأي عن نفسها في الدفاع عن بن علي ومبارك. وكلاهما كان يتبع ليس عقيدته العسكرية، بل كانت هناك تفاهمات مع واشنطن وباريس. 

تعليقات